فصل: في الكفالة بكتابة المكاتب

صباحاً 10 :40
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
29
الإثنين
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في الغريم يؤخذ منه حميل

بعد حميل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان لي على رجل ألف درهم فأخذت منه كفيلا بالألف ثم لقيته بعد ذلك فأخذت منه كفيلا آخر بتلك الألف أيكون لي أن أخذ أيهما شئت بجميع الألف إذا أعدم الذي عليه الأصل‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك لك ولا يشبه هذا الكفيلين إذا تكفلا في صفقة واحدة ولم يجعل بعضهما كفيلا عن بعض‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تحمل رجل لرجل بماله على فلان ثم لقي الذي له الحق الذي عليه الحق فأخذ منه كفيلا آخر أيكون لرب الحق أن يأخذ أي الحميلين شاء وقدر عليه بجميع الحق‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك له لأنهما لم يتحملا في صفقة واحدة وإنما تحمل كل واحد منهما على حدة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أولا ترى أن أخذه الحميل الثاني من الذي عليه الحق ابراء للحميل الأول‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذت من فلان كفيلا بمالي عليه ثم لقيته بعد ذلك فأخذت منه كفيلا آخر أتسقط الكفالة في الأول أو تسقط كلها أو يسقط نصفها‏؟‏

قال‏:‏ لا يسقط منها شيء‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي وهما جميعا كفيلان كل واحد بالجميع‏.‏

باب في الحميل يؤخذ منه الحميل

قلت‏:‏ أرأيت أن تكفل لي رجل بحق لي على رجل فأخذت من الكفيل كفيلا آخر أيلزم كفيل الكفيل الكفالة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم تلزمه‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا ‏(‏وقال غيره‏)‏ وكذلك لو تحمل رجل بنفس رجل أو تحمل آخر بنفس الحميل أن ذلك جائز وكذلك لو تحمل ثلاثة رجال بنفس رجل وكل واحد منهم حميل عن صاحبه فهو جائز ومن جاء به منهم فقد برئوا كلهم لأن الحمالة وكالة وان كانوا تحملوا بوجهه وليس بعضهم حملاء عن بعض فان جاء به أحدهم بريء هو وحده ولم يبرأ صاحباه لأنه لم يتحمل عنهما وإذا تحمل بعضهم ببعض فأتى به أحدهم فيكون إذا جاء به أحدهم كأن كلهم أتى به لأن كل واحد منهم وكيل لصاحبه على الاتيان به‏.‏

قال سحنون‏:‏ فخذ هذا الباب على هذا ونحوه‏.‏

في الغريم يؤخذ منه الحميل فاذا حل الأجل أخر طالب الحق الغريم أيكون ذلك تأخيرا عن الحميل

قلت‏:‏ أرأيت أن كان لي على رجل حق وقد أخذت منه كفيلا فلما حل الأجل أخرت الذي عليه الأصل أيكون هذا تأخيرا عن الكفيل أيضا وكيف أن أخرت الكفيل أيكون ذلك تأخيرا للذي عليه الأصل‏؟‏

قال‏:‏ أما إذا أخر الغريم فهو تأخير للكفيل إلا أنه إذا أخر الذي عليه الأصل فقال الحميل لا أرضى لأني أخاف أن يفلس ويذهب ماله كان ذلك له ويكون صاحب الحق فيه بالخيار أن أحب أن يؤخر الذي عليه الحق ولا حمالة له على الحميل فذلك له وان أبى لم يكن له ذلك الا أن يرضى الحميل وان سكت الحميل وقد علم بذلك فالحمالة له لازمة وان لم يكن له علم حتى يحل أجل ما أخره إليه حلف صاحب الحق بالله ما أخره ليبرأ الحميل من حمالته وكانت حمالته عليه لازمة وأما إذا أخر الحميل فاني أراه تأخيرا عن الذي عليه الأصل إلا أن يحلف صاحب الحق بالله الذي لا إله إلا هو ما كان ذلك مني تأخيرا للحق عن صاحبه ولا كان ذلك مني الا للحميل فان حلف كان له أن يطلب صاحب الحق وان أبى أن يحلف لزمه التأخير وذلك لو أنه وضع عن الحميل حمالته لكان له أن يتبع صاحب الحق إذا قال إنما أردت وضع الحمالة واتباع غريمي فالتأخير بمنزلته ‏(‏سحنون‏)‏ وقال غيره إذا أخر الغريم وهو مليء موسر تأخيرا بينا فالحمالة ساقطة عن الحميل وان أخره ولا شيء عنده فلا حجة للكفيل وله القيام على الكفيل وله أن يقف عنه‏.‏

باب في الحميل يدفع عن حمالته غير ما تحمل به عن الغريم

قلت‏:‏ أرأيت أن تكفلت بألف دينار هاشمية ورضى صاحب الحق بألف دينار دمشقية فقضيته ذلك بم أرجع على صاحبى الذي لي عليه الأصل‏؟‏

قال‏:‏ ترجع عليه بألف دينار دمشقية لأنك كذلك أديت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني تكفلت عن رجل بألف درهم فغاب ولزمني الذي تكفلت له فأعطيته بألف درهم دنانير أو عرضا من العروض أو طعاما ثم قدم الذي عليه الأصل بم أرجع‏؟‏

قال‏:‏ الذي عليه الأصل بالخيار أن أحب أن يدفع قيمة ما دفع الكفيل إليه أن كان عرضا أو حيوانا فذلك له وان كان طعاما فمكيلته وان أحب الألف التي كانت عليه فان هو دفع الذهب من الورق الذي تحمل بها فلا يحل ذلك ولا يجوز ويفسخ ذلك ويرجع الكفيل الذي دفع الذهب إلى صاحب الدين فيأخذ منه ذهبه ويكون الورق على الذي عليه الأصل وعلى الحميل كما هي‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والمأمور إذا دفع دراهم من دنانير خلاف هذا ولا يشبه الكفيل وهو بيع حادث وقد فسرت لك ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تكفل عن رجل بألف درهم فقال الكفيل للذي عليه المال ادفع إلي هذا الثوب وأنا أدفع الألف عنك فدفع الثوب إليه ثم أن الذي له الدين لزم الذي عليه الأصل فغرم المال بم يرجع الذي عليه الأصل على الكفيل أبالثوب أم بالألف‏؟‏

قال‏:‏ يرجع بالألف‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأنه باعه الثوب بألف وأمره أن يدفعها إلى فلان‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا وهذا رأيي‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قال هو وغيره في هذا الأصل في المأمور بالدفع والكفيل بالدفع وذكر كثيرا منه عن مالك إذا دفعوا دنانير من دراهم أو طعام أو عروض فالآمر والغريم المكفول عنه بالخيار أن شاء دفع ما دفع عنه لأنه قد تعدى عليه بما لم يأمره به وان شاء دفع ما أمرهم أن يدفعوا عنه لأنهم إنما قضوا عنه ‏(‏سحنون‏)‏ وهذا الأصل التنازع فيه كثير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن كفيلا تكفل لي بمائة دينار على رجل فأبرأت الكفيل من خميسن دينارا على أن دفع إلي الخمسين الدينار بم يرجع الكفيل على الذي عليه الأصل‏؟‏

قال‏:‏ بما أدى وهي الخمسون الدينار‏.‏

قلت‏:‏ ويكون للذي له الدين أن يرجع على الذي عليه الدين بالخمسين الباقية‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه لم يبرئ الذي عليه الأصل منها إنما أبرأ الكفيل من الكفالة ولم يبرئ الذي عليه الأصل فلهما جميعا أي للكفيل وللذي له الدين أن يرجعا على الذي عليه الأصل كل واحد منهما بخمسين خمسين‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن كفيلين تكفلا بألف درهم عن رجل فقال أحدهما لصاحبه ادفع إلي مائة درهم وأنا أدفع الألف كلها عني وعنك‏؟‏

قال‏:‏ أن كان قد حل الحق وصاحب الحق حاضر وإنما يأخذ منه فيدفعها مكانه فذلك جائز وان كان إنما اغتزى سلفا ينتفع به أو كان صاحب الحق غائبا أو لم يحل الحق فهذا لا يجوز وهو رأيي‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقال غيره وان أعطاه في موضع يجوز ذلك لقرب دفعه عنه ثم أن الذي قبض المائة من صاحبه صالح الغريم على خمسين فان الصلح جائز ولا يكون على الغريم الا خمسون ويرجع الذي أعطى المائة على صاحبه بخمسة وسبعين ويتبعان الغريم بخمسين يتبعه كل واحد منهما بخمسة وعشرين وان صالح الكفيل الذي أخذ المائة من صاحبه على خمسين ومائة فان الصلح جائز ولا يكون على الغريم الا مائة وخمسون ويرجع الذي أعطى المائة على صاحبه بخمسة وسبعين ويتبعان الغريم بخمسين يتبعه كل واحد منهما بخمسة وعشرين وان صالح الكفيل الذي أخذ المائة من صاحبه على خمسين ومائة فان الصلح جائز ولا يكون على الغريم الا مائة وخمسون ويرجع الذي أعطى المائة على صاحبه بخمسة وعشرين ويتبعان الغريم بمائة وخمسين يتبعه كل واحد منهما بخمسة وسبعين وان صالح الذي أخذ المائة من صاحبه الغريم على مائتين أو على خمسمائة فان الصلح جائز ولا يكون على الغريم الا ما قبض من الكفيل ويتبعان الغريم بمائتين بمائة مائة وان كان الصلح بخمسمائة اتبعاه بما أديا عنه أحدهما بمائة والآخر بأربعمائة فان أعدم الذي عليه الدين لم يكن للكفيل الذي أدى أربعمائة أن يرجع على صاحبه الذي كان صالحه بالمائة بقليل ولا كثير ويتبعان جميعا الغريم بما أديا عنه‏.‏

في الرجل يشتري الجارية أو السلعة ويتحمل له رجل بما أدركه فيها من درك

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية فتكفلت له بما أدركه فيها من درك أتكون هذه كفالة وأكون ضامنا بما أدركه في الجارية من درك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني بعت من رجل بيعا وأعطيته كفيلا بما أدركه من درك أتجوز هذه الكفالة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أن كان أعطاه كفيلا بما أدركه فقال أن أدركك فيها درك فعلي أن أرد الثمن فالكفالة في هذا جائزة وان كان إنما أعطاه على أنه أن أدركه فيها درك فعليه أن يخلصها له بالغة ما بلغت فالكفالة في هذا باطل لأن هذا لا يلزم البائع‏؟‏

قال‏:‏ والكفالة لا تلزم أيضا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا قوله وهو رأيي ‏(‏وقال غيره‏)‏ لا يخرج من الكفالة لما رضي أن يلزمه نفسه وهو الذي أدخل المشترى في دفع ماله للثقة منه به فعليه الأقل من قيمة السلعة يوم يستحق أو الثمن الذي أعطى الا أن يكون الغريم موسرا حاضرا فلا يكون عليه شيء وخذ هذا الأصل على هذا في مثل هذا وما أشبهه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من باع بيعا واشترط المشترى على البائع الخلاص وأخذ منه بالخلاص كفيلا أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يحل وذلك عندي بمنزلة ما لو أن رجلا باع دارا ليست له فقال للمشترى اشترها مني فان لم يسلم لك ذلك صاحبها فعلي خلاصها لك فهذا لا يجوز وهذا قول مالك والبيع فيها مردود ولولا أن الناس اشترطوا هذه الشروط في البيع الأول على أنهم لا يريدون بذلك الخلاص إنما كتبوه على وجه الثقة والتشديد لنقضت البيع به ولو عمد رجل فاشترط فقال أن أدركني درك في الدار فعليك أن تتخلص لي الدار بما يكون من مالك أو تتخلصها بما بلغت وعلى ذلك اشترى وبه عقد بيعه لكان هذا فاسدا لا يحل ولنقضت به البيع‏.‏

في الحمالة في البيع بعينه وبيع الغائب

قلت‏:‏ أرأيت ما كان بعينه مما اشتريته أيجوز أن أخذ به كفيلا‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك عندي ولم أسمعه من مالك الا أن مالكا‏؟‏ قال لا يجوز أن يشترط أن يكون ضامنا إذا باع سلعة بعينها أن يكون ضامنا لها أن تلفت فعليه شرواها فكذلك الكفالة ‏(‏وقال غيره‏)‏ هذا من الأصل الذي بينته لك قبله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اشتريت منه عبدا أو دابة غائبة وأخذت منه كفيلا بها‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون في هذا كفالة لأنه إنما اشترى منه غائبا بعينه ألا ترى أنه لو ماتت الدابة أو العبد لم يضمن البائع شيئا ولا يصلح النقد فيه‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت غيبة قريبة مما يصلح النقد فيها لم تصلح الكفالة فيه أيضا‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يعتق عبده على مال ويأخذ منه بالمال حميلا

قلت‏:‏ أرأيت أن أعتقت عبدي على ألف درهم وأخذت منه بها كفيلا أيجوز هذا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك جائز عند مالك وإنما الذي لا تجوز الكفالة فيه كتابة المكاتب‏.‏

في الكفالة بكتابة المكاتب

قلت‏:‏ أرأيت الكفالة لرجل بكتابة مكاتبة أتجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا تجوز‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كاتبت عبد على مال فأتى رجل فقال لي عجل عتقه وأنا كفيل لك بكتابته ففعلت أتلزمه الكفالة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ الكفالة له لازمة لأن مالكا قال لو أن رجلا أعتق عبده على مال على أن تكفل بذلك المال رجل أن ذلك جائز لازم للكفيل فكذلك مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذا الكفيل الذي أدى عن المكاتب هذا المال أيكون له أن يرجع بذلك على المكاتب‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي ولم أسمعه من مالك‏.‏

في الغريم يؤخذ منه قبل محل الأجل أو بعد محل الأجل حميل أو رهن على أن يؤخر إلى أبعد من الأجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أعطى غريمه حميلا قبل محل أجل دينه على أن يؤخره إلى أبعد من الأجل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يصلح ذلك‏؟‏

قال‏:‏ وان حل حقه فلا بأس أن يأخذ منه حميلا ويؤخره إلى أبعد من الأجل‏؟‏

قال‏:‏ مالك وكذلك لو رهنه قبل الأجل على أن يؤخره فلا يصلح وان رهنه بعد ما حل الأجل على أن يؤخره فلا بأس به ‏(‏وقال غيره‏)‏ وإذا كان الرهن أو الحميل قبل محل الحق على أن يؤخره إلى أبعد من الأجل فهذا لا يجوز وهذا لا يكون الرهن به رهنا وان كان مقبوضا ولا يكون قبضه له قبضا أن فلس الغريم أن يكون أحق به من الغرماء ولا يكون على الحميل شيء أيضا لأنه لم يخرج بما ارتهن ولا بما أخذ له الحميل شيء مبتدأ إنما كان دين في ذمته لم يكن يجوز له أخذه فلا يجوز أن يبقى في يديه الوثيقة منه لأنه يشبه سلفا جر منفعة وهو باق في لذمة كما كان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن حط عنه بعض ماله عليه قبل الأجل على أن أعطاه حميلا ورهنا ببقية الحق‏؟‏

قال‏:‏ هذا لا بأس به‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك كل من كان له حق على رجل إلى أجل من الآجال فأخذ منه حميلا قبل محل الأجل أو رهنه رهنا إلى أبعد من الأجل فلا خير فيه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأن ذلك عنده كأنه سلف أسلفه على أن يزداد في سلفه‏؟‏

قال‏:‏ وإذا حل الأجل فلا بأس به‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأن ذلك حينئذ بمنزلة من أسلف سلفا عن ظهر يد وأخذ به حميلا‏؟‏

قال‏:‏ مالك والرهن مثله إذا رهنه قبل محل الأجل على أن يؤخره إلى أبعد من محل الأجل فلا يجوز ولا يحل وان كان بعد محل الأجل فلا بأس به‏.‏

في الغريم إلى أجل يؤخذ منه حميل أو رهن بالقضاء قبل محل الأجل

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذت منه حميلا قبل محل الأجل على أن يوفيني قبل محل الأجل‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بذلك لأنه لا تهمة ها هنا وكذلك الرهن‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن أعطاني حميلا أو رهنا قبل محل الأجل على أن يعطيني حقي عند محل الأجل أيجوز هذا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا بأس به‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذت منه حميلا قبل محل الأجل وكان ديني عليه محله إلى سنة فأعطاني كفيلا بحقي إلى ستة أشهر‏؟‏

قال‏:‏ هذا لا بأس به لأن هذا لاتهمه فيه ألا ترى أنه عجل الدين الذي عليه قبل محل الأجل وزاد مع ذلك حمالة هذا الرجل فلا بأس بذلك‏.‏

في الحميل يأتي بالغريم بعد محل الأجل قبل أن يقضي على الحميل بالمال

قلت‏:‏ أرأيت أن قلت لرجل أنا كفيل لك بفلان إلى غد فان لم أوافك به فأنا ضامن للمال فمضى الغد فقلت قد وافيتك به وقال لم توافني به‏؟‏

قال‏:‏ يقيم البينة أنه قد وافاه به والاغرم المال‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فان وافاه بعد الغد قبل أن يحكم السلطان عليه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك له جائز ويبرأ من المال ولا يكون عليه غرم ‏(‏سحنون‏)‏ وكذلك يقول غيره من الرواة‏.‏

في الرجل يطلب قبل الرجل حقا فيطلب منه حميلا بالخصومة

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا طلب قبل رجل حقا وقد كانت بينهما خلطة في معاملة فقال الطالب للمطلوب أعطني كفيلا حتى أقيم بينتي عند القاضي‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك عليه ولكن يطلب بينته‏.‏

قلت‏:‏ وليس له أن يأخذ عليه كفيلا بوجهه حتى يثبت حقه‏؟‏

قال‏:‏ لا ‏(‏وقال غيره‏)‏ إذا ثبتت المعاملة بينهما فله عليه كفيل بنفسه ليوقع البينة على عينه‏.‏

قلت‏:‏ فان قال أعطني وكيلا بالخصومة حتى أقيم بينتي‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يعطيه وكيلا بالخصومة إذا لم يرد المطلوب أن يوكل لأنا نقبل بينة هذا الطالب على المطلوب وان كان غائبا فلا يلزم المطلوب أن يقيم وكيلا إلا أن يشاء المطلوب أن يوكل من يدفع عنه‏.‏

في الرجل يقضي له القاضي بالقضية أيأخذ منه كفيلا

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة أن هذه الدار دار أبي أو دار جدي أو أن هذا المتاع متاعى أو متاع أبي مات وتركه ميراثا لا يعلم له وارث غيري فقضى لي القاضي هل كان مالك يأمر القاضي أن يأخذ مني كفيلا إذا أراد أن يدفع إلي ذلك الشيء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أن الكفيل الذي تأخذه القضاة في هذا إنما هو جور وتعد وليس عليهم إذا استحقوا حقوقهم أن يأتوا بكفلاء بل يعطون حقوقهم بغير كفالة‏.‏

في الرجل يكون له على الرجل الطعام إلى أجل فيأخذ به منه كفيلا فيصالحه الكفيل قبل الأجل أو بعده على أدنى أو أقل أو أجود

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي على رجل طعاما إلى أجل من سلم أو قرض أخذت منه كفيلا فلما حل الأجل أعطاني الكفيل بعض طعامي على أن تركت له بعضا أو قبل أن يحل الأجل أعطاني بعض الطعام على أن تركت له بعض الطعام‏؟‏

قال‏:‏ لا يصلح ذلك إذا لم يحل الأجل لأنه يدخله ضع عني وتعجل فأما إذا حل الأجل فلا بأس بذلك ولا يرجع الكفيل على الذي عليه الحق إلا بما أدى إلى الطالب لأن مالكا قال في الذي عليه الحق لو أخذ بعض حقه منه على أن ترك له ما بقى قبل الأجل لم يجز هذا لأنه وضع وتعجل فاذا حل الأجل فلا بأس بذلك وكذلك الكفيل عندي مثل الذي عليه الأصل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الكفيل إذا صالح الذي له الحق على حنطة مثل كيل حنطته قبل أن يحل الأجل الا أنها أجود من شرط الطالب أو أدنى من شرطه‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك لأن مالكا‏؟‏ قال لا يجوز أن يصالح الذي عليه الحق الطالب قبل محل الأجل على حنطة مثل كيل حنطته إذا كانت أجود من حنطته أو أدنى‏.‏

قلت‏:‏ فان حل الأجل‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في ذلك إذا حل الأجل أن يصالحه الكفيل على مثل كيل حنطته أو أجود إذا كانت من صنفها أو أدنى منها إذا كانت التي عليه سمراء كلها أو محمولة كلها وان أخذ أيضا أجود من حنطته وأدنى من كيلها فلا خير فيه وان كانت من صنف واحد وإذا أخذ مثل كيل طعامه فلا خير في أن يأخذ أجود إذا كانت من الصنف أو أدنى منه ولا بأس أن يصالح الطالب إذا حل الأجل الذي عليه الحق على مثل كيل حنطته أو أجود منه أو أدنى والكفيل إذا صالح بأجود أو أدنى صار يتبع بغير ما أعطى فصار في التسليف بيع الطعام قبل استيفائه والذي عليه الأصل ليس كذلك لأن ذلك يصير بدلا وتبرأ ذمته وإذا أعطى الكفيل غير ما تحمل به كان الذي عليه الدين بالخيار أن شاء أعطاه مثل ما أعطى الكفيل وان شاء أعطاه مثل ما كان عليه فصار بيع الطعام قبل الاستيفاء ولا بأس على الكفيل أن يعطى أجود أو أدنى من الصنف في القرض مثل المكيلة إذا حل الأجل وان لم يحل الأجل فلا خير في أن يعطى في القرض أجود أو أدنى‏.‏

في الرجل يدرك قبل الطالب حقا أيدفع إليه ولا يأخذ منه حميلا

قلت‏:‏ أرأيت أن أقمت البينة على رجل غائب بحق لي وللغائب مال حاضر أيبيعه القاضي ويوفيني حقي من غير أن يأخذ مني كفيلا‏؟‏

قال‏:‏ الذي كنا نسمع من قول مالك أنه كان ينكر أن يأخذ منه كفيلا بحقه الذي حكم له به وأما ما ذكرت من مال الغائب فانه يباع لهذا إذا ثبت حقه‏.‏

قلت‏:‏ رباعا كانت أمواله أو غير رباع فانها تباع في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

الدعوى في الحمالة

قال سحنون‏:‏ وسألت بن القاسم عن ثلاثة نفر اشتروا سلعة من رجل وكتب عليهم أيهم شئت أخذت بحقي وكل واحد حميل بما على صاحبه فمات أحد الثلاثة فادعى ورثة الهالك أنه قد دفع المال كله إلى بائع السلعة وأقاموا شاهدا واحدا‏؟‏

قال‏:‏ يحلفون مع شاهدهم ويبرؤن ويرجعون على الشريكين الباقيين بما أدى صاحبهما عنهما‏.‏

قلت‏:‏ فان أبي الورثة أن يحلفوا أترى للشريكين أن يحلفا‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنهما يغرمان الا أن يقولا نحن أمرناه ووكلناه بالدفع عنه وعنا ودفعنا ذلك إليه وإنما هو حق علينا وإنما الشاهد لنا فيحلفان ويبرآن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قلت أنا كفيل لك بفلان إلى غد فان لم أوافك به فأنا ضامن للمال فمضى الغد فقلت قد وافيتك به وقال لم توافني به‏؟‏

قال‏:‏ يقيم البينة أنه قد وافاه والا غرم المال‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي‏.‏

في الحمالة في الحدود

قلت‏:‏ أرأيت الحدود أفيها كفالة‏؟‏

قال‏:‏ لا كفالة في الحدود‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا شتمني ولم يقذفني فأخذت منه كفيلا بنفسه فهرب الرجل‏؟‏

قال‏:‏ هذا إنما هو أدب ولا تجوز الكفالة في هذا ولم أسمع من مالك فيه شيئا الا أن هذا رأيي أنه لا كفالة في الحدود ولا في التعزير‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني مخرمة عن أبيه قال يقال لا تقبل حمالة في دم ولا زنا ولا في سرقة ولا في شرب خمر ولا في شيء من حدود الله وتقبل فيما سوى ذلك‏.‏

في كفالة الأخرس

قلت‏:‏ هل تجوز كفالة الأخرس في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك الا أن الذي بلغنا عن مالك أنه قال ما أثبتت البينة أن الأخرس قد فهمه من طلاقه وشرائه أن ذلك جائز عليه وكذلك مسألتك‏.‏

في الرجل يقر في مرضه بالكفالة لوارث أو غير وارث

قلت‏:‏ أرأيت أن هو أقر أنه تكفل في مرضه أتجوز الكفالة في ثلثه‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان أجنبيا لأن المعروف إنما يجوز للمريض في ثلثه للأجنبي ولا يجوز للوارث من ذلك شيء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان هذا الذي أقر له بالكفالة في مرضه أنه تكفل له في مرضه صديقا ملاطفا أيجوز له الاقرار في ثلث الميت‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك جائز لأن الوصية له جائزة في الثلث كذلك قال مالك الا أن يكون عليه دين يغترق ماله فلا تجوز وكذلك إذا أقر له بدين فانما يرد إذا كان عليه دين يغترق ماله ولا يرد إذا كان يورث بغير دين لأنه لو أوصى له مع الورثة جازت وصيته ولو أوصى له مع الدين الذي يغترق ماله لم تجز فلذلك اتهم إذا كان صديقا ملاطفا إذا أقر له مع الدين لأنه لا تجوز له وصية ولا يتهم إذا أقر له من غير دين وكان يورث بولد أو كلالة فالوصية له جائزة في الثلث وهذا أحسن ما سمعت‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الورثة أباعد إنما هم عصبة‏؟‏

قال‏:‏ نعم الوصية له جائزة في مسألتك هذه في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أقر في مرضه فقال قد كنت أعتقت عبدي في مرضي هذا أيجوز هذا في ثلثه‏؟‏

قال‏:‏ كل ما أقر به أنه فعله في مرضه فهو وصية وما أقر به في الصحة فهو خلاف ما أقر به في مرضه فان قام الذي أقر له بذلك وهو صحيح أخذ ذلك منه وان لم يقم حتى يمرض أو يموت فلا شيء لهم وان كانت لهم بينة إلا العتق والكفالة فانه أن أقر به في الصحة وقامت على ذلك بينة أعتق في رأس ماله وان كانت الشهادة إنما هي بعد الموت أخذت الكفالة من ماله وارثا كان أو غير وارث لأنه دين قد ثبت في ماله في صحته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من أقر في مرضه بكفالة أو قال قد كنت تكفلت في الصحة عن هذا الرجل بكفالة والرجل وارث أو غير وارث‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك اقراره لوارث بالدين في مرضه لا يجوز منه شيء‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يقر في مرضه فيقول قد كنت تصدقت على فلان بداري أو بدابتي في صحتي أو كنت حبست في صحتى خادمي أو داري على فلان أو قد كنت أعتقت عبدي في صحتي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون هذا في ثلث ولا غيره واقراره هذا باطل كله‏؟‏

قال‏:‏ مالك وان كان أوصى كانت الوصايا في ثلث ما بقى بعد ذلك الشيء فان قصر الثلث عن وصيته لم يكن لأهل الوصايا في ذلك شيء ولم تدخل الوصايا في شيء من ذلك الذي أقر به وإنما الوصايا فيما بعد ذلك لأنا قد علمنا أنه لم يرد أن تكون وصيته فيما أقر به وذلك الذي أقر به يرجع إلى الورثة ميراثا‏.‏

قلت‏:‏ ولا تكون وصيته لمن أقر له بذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا تكون له وصية‏.‏

في كفالة المريض

قلت‏:‏ أرأيت المريض إذا تكفل بكفالة اتجوز كفالته‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز في ثلثه ألا ترى أن مالكا قد قال في المرأة تكون تحت الزوج فتتكفل بكفالة أن ذلك في ثلثها إذا لم تجاوز الثلث لأنها محجورة عن جميع مالها وكذلك المريض قد حجر عليه جميع ماله وإنما يجوز له من ماله الثلث والكفالة معروف فانما يجوز ذلك في ثلثه كما يجوز للمرأة ذات الزوج معروفها في ثلثها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تكفل في مرضه بكفالة وداين الناس بعد الكفالة حتى اغترق الدين ماله أتسقط الكفالة ولا يحاص به الغرماء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هكذا ينبغي لأن الدين أولى من الكفالة لأن الكفالة في الثلث والدين من رأس المال وكل شيء يكون في جميع المال فالذي يكون في جميع المال أولى بذلك ألا ترى لو أن رجلا أوصى لرجل بثلث ماله فركبه دين اغترق ماله أن الوصية تبطل في قول مالك فكذلك الكفالة لأنها معروف من المريض في مرضه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تكفل في مرضه لوارث أو لغير وارث فصح من مرضه ذلك أتلزمه الكفالة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم تلزمه الكفالة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي لأنه لو تصدق على وارث في مرضه بأمر بتله له ثم صح لزمته الصدقة إذا لم يكن على وجه الوصية وهو قول مالك‏.‏

في الرجل يستأجر الأجير بخدمه ويأخذ منه بالخدمة حميلا

قلت‏:‏ أرأيت أن استأجرت رجلا يخدمني شهرا وأخذت منه كفيلا بالخدمة‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في هذا عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ لأني سألت مالكا عن الغلام يستأجر سنة فيموت فيريد أن يأخذ مكانه غلاما يعمل له عمله ويقول سيد الغلام أنا أدفع إليك غلاما يعمل لك مكانه‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا خير في هذا لأنه من قبل الدين بالدين لأنك تفسخ دينك في دين لا تستوفيه مكانك فالحمالة في مثل هذا لا تجوز لأنه لو مات الغلام لم يكن على الحميل أن يأتي بغلام آخر يخدمه‏.‏

في الرجل يستأجر الخياط يخيط ويأخذ منه بالخياطة حميلا

قلت‏:‏ أرأيت أن دفعت ثوبا إلى خياط وشرطت عليه أن يخيطه هو نفسه أيجوز في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أخذت منه حميلا بالعمل‏؟‏

قال‏:‏ أن كنت أخذت منه حميلا بالعمل أن مات الخياط أو عاش فلا خير في ذلك وان كنت أخذت منه حميلا على الحياة حتى يعمله لك فلا خير في ذلك وهو مثل الحميل بالخدمة‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد بينا هذا الأصل قبل هذا‏.‏

في الرجل يكترى الراحلة بعينها ويأخذ من الكرى حميلا بالحمولة

قلت‏:‏ أرأيت أن استأجرت راحلة بعينها وأخذت من ربها حميلا بالحمولة أيجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ الحمالة بالحمولة لا تجوز في كراء الراحلة بعينها وأما أن أعطاه حميلا بالكراء أن ماتت الراحلة رد عليه ما بقي له فالحمالة جائزة وان كانت الحمالة في كراء مضمون فذلك جائز عند مالك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وكذلك أجير الخياطة والخدمة‏.‏

في الرجل يكترى كراء مضمونا ويأخذ حميلا بالحمولة

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت الحمالة في كراء مضمون أيجوز ذلك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت من رجل كراء مضمونا إلى مكة وأخذت منه حميلا بالحمولة ففر المكارى وأخذت الحميل فاكترى لي ابلا إلى مكة فحملني عليها بضعف ما اكتريت من صاحبي الذي فر ثم رجع صاحبي فقدر عليه الحميل بم يرجع عليه‏؟‏

قال‏:‏ يرجع عليه الحميل بما اكترى الحميل ولا ينظر إلى الكراء الأول والكراء الأول للكري الهارب وعلى الهارب أن يرد إلى الحميل المال الذي كترى به الحميل للمتكاري‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الكري إذا هرب اكترى عليه ولزمه ما اكترى عليه به فهذا يدلك على الذي سألت عنه من قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت ولم آخذ منه حميلا ثم هرب المكاري فأتيت السلطان أيتكارى لي عليه السلطان‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وأرجع عليه بما تكاريت به عليه‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في كفالة العبيد بغير اذن ساداتهم

قلت‏:‏ أرأيت العبد التاجر والمكاتب هل تجوز كفالتهم‏؟‏

قال‏:‏ لا تجوز كفالتهم ولا أحفظ من مالك في هذا شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن تكفل عبد أو مكاتب أو أم أو لد أو مدبر بغير أمر سيده بكفالة أتجوز أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يجوز ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان لم يعلم السيد بذلك حتى عتقوا‏؟‏

قال‏:‏ فالكفالة لازمة لهم‏.‏

قلت‏:‏ فان فسخ السيد الكفالة قبل أن يعتقوا ثم أعتقهم‏؟‏

قال‏:‏ فلا كفالة عليهم لأن مالكا‏؟‏ قال لا تجوز صدقتهم ولا هبتهم فان أعتقهم السيد جاز ذلك الا أن يكون السيد رد ذلك قبل أن يعتقهم فيكون ذلك مردودا وانظر كل معروف صنعه هؤلاء من كفالة أو حمالة أو صدقة أو هبة أو عطية أو نحل أو عتق أو غير ذلك من الأشياء مما هو معروف عند الناس فان ذلك إذا رده السيد قبل أن يعتق العبد فانه مردود وان أعتقه السيد بعد ما رده فليس يلزم العبد من ذلك قليل ولا كثير وان كان لم يرده السيد حتى أعتقه أو لم يعلم به فان ذلك جائز على العبد علم بذلك السيد أو لم يعلم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد أتجوز كفالته أم لا‏؟‏ تجوز‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز ذلك وان كان مأذونا له في التجارة الا بإذن سيده أو يكون عليه دين يغترق ماله فلا يجوز وان أذن له سيده‏.‏

في كفالة العبيد باذن سادتهم

قلت‏:‏ أرأيت حمالات العبيد ووكالاتهم في الخصومات أو غير ذلك باذن ساداتهم أجائزة هي في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأني سمعت مالكا وسئل عن الرجل يوكل عبده بقضاء دينه فيأتي العبد بشاهد واحد أنه قد قضاه قال مالك يحلف العبد ويبرأ السيد ولا يحلف السيد‏؟‏

قال‏:‏ مالك والعبد عندي في هذه الوكالة بمنزلة أن لو كان حرا فهذا يدلك على مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما تحمل به العبد من دين باذن سيده أين يكون ذلك أفي ذمته أم في رقبته‏؟‏

قال‏:‏ أن كان تحمل لسيده فأفلس السيد أو مات بيع العبد أن طلب صاحب الدين دينه قبل السيد وان رضى أن يترك السيد ويتبع العبد كان ذلك له في ذمة العبد وان كان إنما تحمل بالدين عن أجنبي بأمر السيد كان في ذمته ولا يكون ذلك في رقبته‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذا رأيي ‏(‏وقال غيره‏)‏ ليس ذلك له وإنما يكون على العبد ما عجز عنه مال سيده فيكون في ذمته يتبع بذلك الدين حيث كان‏.‏

قلت‏:‏ فان أذن له السيد بذلك‏؟‏

قال‏:‏ ذلك جائز لأن ذلك معروف منهم والمعروف من المكاتبين والعبيد وأمهات الأولاد والمدبرين جائز إذا أذن لهم ساداتهم ‏(‏وقال غيره‏)‏ لا يجوز أن يجاز معروف المكاتب لأن ذلك داعية إلى رقه وليس له أن يرق نفسه بهبة ماله وليس ذلك لسيده‏.‏

قلت‏:‏ فان تكفل هؤلاء بسيدهم أيجوز ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك جائز لأن معروف هؤلاء جائز إذا أذن لهم سيدهم فان تكفلوا به فان ذلك جائز عليهم لأن ذلك بأمره‏.‏

قلت‏:‏ ويجبرهم سيدهم على أن يتكفلوا به‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس ذلك عليهم ولا يجبر أحد من هؤلاء على أن يتحمل به الا أن يرضوا بذلك وان تكفلوا به على استكراه منهم لم يلزمهم‏.‏

في كفالة العبد المديان باذن سيده

قلت‏:‏ أرأيت العبد يكون عليه دين يغترق ماله فيأمره سيده فيتكفل بكفالة أيلزمه ذلك أم لا‏؟‏ وهل لسيده أن يدخل على أهل الدين ما يضرهم في دينهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الحر يكون عليه دين يغترق ماله أنه لا يجوز عتقه ولا هبته ولا صدقته ولا كفالته لأن هذا معروف والكفالة عنده من المعروف فلا يجوز أيضا فأرى العبد بهذه المنزلة مثل الحر إذا كان الدين الذي على العبد قد اغترق ماله‏.‏

في الرجل يجبر عبده على أن يكفل عنه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لعبده أكفل عني بهذا المال فقال العبد لا أكفل فقال السيد اشهدوا أني قد جعلته كفيلا بهذا المال أيلزم العبد ذلك أم لا‏؟‏ والعبد يقول لا أرضى لأنه يقول أن عتقت لزمتني هذه الكفالة فلا أرضى‏؟‏

قال‏:‏ ذلك عندي غير لازم للعبد‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يعتق عبده على أن عليه مائة دينار أن ذلك لازم للعبد وان كره العبد ذلك‏.‏

في السيد يكفل عن عبده بالكفالة

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يبيع من عبده سلعة من السلع بدين إلى أجل أو يتكفل عن عبده بكفالة فيؤدي السيد ذلك المال عن عبده فيعتقه أيكون ذلك المال دينا على العبد يتبعه به سيده أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يكون ذلك دينا عليه يتبعه به لأن مالكا قال لي في عبد باعه سيده وعلى العبد دين لسيده الذي باعه فأراد أن يتبعه بذلك الدين فقال المشترى ليس ذلك لك إنما هو دينك قد بعتنيه ولم تبينه لي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الدين لازم للعبد يتبعه به البائع فان رضى المشترى أن يقبل العبد وعليه دين فذلك له وان كره رد العبد وأخذ الثمن‏.‏

في السيد يكون له على العبد الدين فيأخذ منه كفيلا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا كان له على عبده دين أخذ منه بذلك الدين كفيلا أيلزم ذلك الكفيل في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يلزم في قول مالك لأن مالكا قال يحاص السيد غرماء العبد إذا أفلس العبد‏.‏

في الحمالة إلى غير أجل

قلت‏:‏ أرأيت أن قال أن لم يوفك فلان حقك فهو علي ولم يضرب لذلك أجلا متى يلزم الكفيل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنني أرى أن يتلوم له السلطان على قدر ما يرى ثم يلزمه المال الا أن يكون الذي عليه المال حاضرا ملي‏.‏